هل يمكنك الحصول على رخصة طيار إذا كنت مصابًا بعمى الألوان؟

كيف يمكن أن تكون طيار لديه عمى الألوان وتعمل في شركات الطيران؟
4 صور للطيار في بدلته ، وطيار آخر يطير بطائرة ، وصورتان لاختبار النظر

This post is also available in: العربية English

تطلب معظم المهن في مجال الطيران من الطالب الحصول على شهادة طبية موثقة. حيث تعتبر هذه الشهادة دليل على أن الطالب مناسب لوظيفة الطيار.

لكن ماذا إذا كان لديك عمى الألوان؟ هل من الممكن أن تكون طيار لديه عمى الألوان وتعمل في شركة طيران؟ وما هي الإجراءات التي عليك أن تتخذها ليتم قبولك؟ هذا ما سنتحدث عنه في هذه المقالة.

ما هو عمى الألوان؟

عمى الألوان هو حالة يصعب فيها على الفرد رؤية الألوان بشكل كامل أو عدم القدرة على التفرقة بين بعض الألوان.

إذا كنت مصابًا بعمى الألوان، فهذا يعني أنك ترى الألوان بشكل مختلف عن معظم الناس.

وهناك أنواع من عمى الألوان، النوع الأكثر شيوعًا هو الذي يصعب على الفرد فيه معرفة الفرق بين الأحمر والأخضر. والنوع الآخر يجعل من الصعب التفرقة بين الأزرق والأصفر. أما النوع الثالث وهو غير شائع هو عمى الألوان الكامل الذي لا يرى المصابون به الألوان على الإطلاق.

عادة، ينتشر عمى الألوان في العائلات فتكون أغلب حالات عمى الألوان وراثية، كما أن الرجال أكثر عرضة للإصابة.

ويتمثل العرض الرئيسي لعمى الألوان في عدم رؤية الألوان كما يفعل معظم الناس. إذا كنت مصابًا بعمى الألوان، فهذا يعني أنك تجد صعوبة في التفريق بين الألوان وبين ظلالها، ومعرفة شدة درجة الألوان.

في الوقت الحاضر، حدد الطب الحديث أن معظم الأشخاص الذين يعانون من عمى الألوان يستطيعون تمييز الألوان إلى حد ما. وبالتالي، يفضل المجتمع الطبي مصطلح نقص رؤية الألوان بدلًا من عمى الألوان.

ويستطيع معظم الأشخاص الذين يعانون من نقص اللون الأحمر والأخضر تحديد الألوان بدقة، على الرغم من أنها ليست سهلة مثل الشخص الذي يرى الألوان بشكل طبيعي.

الصعوبات المحتملة لنقص رؤية الألوان

بالنسبة للطيار، فقد يكون هناك بعض الصعوبات التي تواجهه من ناحية نقص رؤية الألوان.

حيث يحتاج الطيار التجاري أو الخاص إلى التعامل مع بعض الأضواء مثل الأضواء في غرفة القيادة وأضواء المطار، ومعظمها يُرمز إليها بالألوان لسهولة التعرف عليها.

بالنظر إلى هذه الظروف، فإن هناك حاجة إلى وجود درجة معينة من إدراك الألوان للحصول على وظيفة في مجال الطيران. ولكن بما أن هناك درجات مختلفة من نقص رؤية الألوان، كيف يمكن لإدارة الطيران الفيدرالية تحديد ما إذا كان الشخص الذي يعاني من هذا النقص بإمكانه قيادة الطائرة؟

إجراء إدارة الطيران الفيدرالية FAA لاختبار رؤية الألوان:

يعتبر اختبار عمى الألوان فحص طبي بسيط يقوم بقياس مدى قدرة الفرد على التعرف على الألوان وتحديدها والتفرقة بينها.

وعند التقديم للحصول على شهادة طبية من إدارة الطيران الفيدرالية (FAA) ستجد أن رؤية الألوان هي عنصر واحد فقط في هذه العملية.

تتمثل الخطوة الأولى في أن يقوم مقدم الطلب بإجراء اختبار رؤية الألوان القياسي. ويعتبر فحص رؤية الألوان هو الفحص الأكثر شهرة لتشخيص عمى الألوان، ويطلق عليه فحص ايشيهارا (Ishihara test) نسبة إلى الطبيب الياباني الذي ابتكره.

اختبار ايشيهارا هو عبارة عن 24 لوحة بها سلسلة من النقاط الملونة ذات الألوان والأحجام التي تبدو عشوائية ولكنها تحتوي على صور سواء كانت حروف أو أرقام، ويتم تكوين شكلها من مجموعة من نقاط صغيرة بألوان متشابهة. ويجب أن تحدد بدقة الرقم الذي يمكن رؤيته داخل كل لوحة. إذا قمت بتحديد أول 15 لوحة بطريقة صحيحة على التوالي، فيُعتبر أنك قد اجتزت الاختبار.

ويجب أن تكون هذه الأرقام أو الحروف واضحة للشخص الذي لديه رؤية طبيعية للألوان.

يعد هذا الاختبار هو الخطوة الأولى فقط في اختبار رؤية الألوان. فإذا قمت باجتياز هذه المرحلة، فيمكنك الانتقال للمراحل الأخرى. وإذا لم تجتازه، فيمكن منحك شهادة طبية تنص على أنه يمكنك الطيران مع وجود بعض الاستثناءات مثل الطيران ليلاً. في هذه المرحلة، يمكنك قبول الشهادة الطبية أو اختيار إجراء اختبارات إضافية.

كيف تصبح طيارًا إذا كنت مصابًا بعمى الألوان

من الممكن أن تكون طيار لديه عمى الألوان وأن تعمل مع ذلك في شركات الطيران. فإن ذلك يعتمد على درجة الخطورة والألوان التي يمكنك التعرف عليها أو التي لا يمكنك التعرف عليها.

حيث يمكن للشخص المصاب بعمى الألوان والذي يعاني من نقص خفيف في الألوان أن يصبح طيارًا، طالما يمكنه إثبات قدرته على تحديد الألوان المختلفة التي تتعلق بواجباته ومهامه كطيار، ولكن بالنسبة للشخص المصاب بعمى الألوان بشكل كامل فمن الصعب أن يصبح طيار.

إجراء اختبار رؤية الألوان

حتى عام 2013، كان يتم رفض الطيار تلقائيًا للحصول على الشهادة الطبية من الدرجة الأولى إذا كان مصابًا بعمى الألوان. لكن نظرًا للتقدم الذي حدث في اختبار رؤية الألوان والتي سعت إدارة الطيران الفيدرالية إلى تحقيقه، فأصبح من الممكن إجراء تقييم دقيق لمستوى عمى الألوان لدى الفرد. فحتى لو كنت مصابًا بعمى الألوان جزئيًا، فمن الممكن أن تحصل على درجة طبية من الدرجة الأولى.

وبالنسبة للاختبار الذي تجريه من قبل إدارة الطيران الفيدرالية (FAA)، فإن نوع الاختبار سيعتمد على الشهادة الطبية التي يريدها.

على سبيل المثال، سيحتاج من يسعى للحصول على شهادة طبية من الدرجة الثالثة إلى إكمال اختبار الرؤية والذي يتطلب قراءة بعض مخططات الطيران بدقة بالإضافة إلى بعض الفحوصات الأخرى. أما بالنسبة إلى الدرجة الأولى والثانية من الشهادة الطبية، يواصل الطيارون إجراء اختبار إضافي يُعرف باسم اختبار الطيران الطبي.

وإذا كنت تريد معرفة الفرق بين الشهادات الطبية من الدرجة الأولى والثانية والثالثة، فإليك أهم الفروقات بينهم:

1- الشهادة الطبية من الدرجة الثالثة:

وهي الشهادة التي تحتاجها من أجل أن تصبح طيار خاص. وتعد من أبسط الشهادات الطبية.

بالنسبة للمتقدمين للحصول على شهادة طبية من الدرجة الثالثة فيتم اختبارهم من خلال جزئين: اختبار الإشارات الضوئية والذي يتم إجراؤه في المطار، واختبار عملي حيث يجب تحديد الألوان بشكل صحيح على مخططات الطيران.

ويمكن إجراء هذا الاختبار في الليل أو في النهار فإذا لم تستطع اجتيازه في أحد هذه الفترات فيُكتب في الشهادة أنه هناك استثناء في عدد تلك الساعات سواء ساعات النهار أو ساعات الليل.

2- الشهادة الطبية من الدرجة الثانية:

تحتاج هذه الشهادة إذا كنت تريد أن تصبح طيار تجاري.

أما بالنسبة لاختبار الألوان لدى طيار لديه عمى الألوان، فإن قواعد الاختبار تكون متماثلة بالنسبة للشهادات الطبية من الدرجتين الأولى والثانية.

يُطلب من المتقدمين للحصول على شهادات طبية من الدرجة الأولى أو الثانية إجراء اختبار طيران طبي لرؤية الألوان (MFT medical flight test ). هذا الاختبار هو عبارة عن اختبار طيران فعلي ويتطلب بعض الإجراءات مثل قراءة وتفسير أدوات أو شاشات الطيران بشكل صحيح، وخاصة تلك التي تحتوي على علامات تحديد ملونة، وأضواء لوحة العدادات الملونة، وقراءة ما يظهر من علامات تعبر عن حالات الطقس، وما إلى ذلك.

3- الشهادة الطبية من الدرجة الأولى:

تعد هذه الشهادة مطلب أساسي إذا كنت ترغب في أن تصبح طيار نقل جوي وأن تجعل الطيران وظيفتك الأساسية. وتعتبر هذه الشهادة هي أعلى شهادة طبية متاحة للطيارين حيث تضمن أنك تلبي المتطلبات اللازمة للحصول على هذه الوظيفة.

وبالنسبة لاختبار الألوان، فهو مثل ما ذكرنا في الشهادة الطبية من الدرجة الثانية يحتاج إلى اختبارات أعلى لتضمن الحصول عليها.

كيف يؤثر عمى الألوان على الطيران؟

بعد أن تعرفت على الاختبار الذي تقوم بإجراءه بالنسبة لرؤية الألوان وكيف أن لكل شهادة طبية بعض المتطلبات الخاصة،  يمكنك أن ترى أن عمى الألوان قد يؤثر بشكل طفيف على بعض الإجراءات في الطيران، لكنه لا يمنعك من الطيران بشكل نهائي إذا كانت حالتك بسيطة ولا تستدعي ذلك.

وحتى إذا لم تنجح في اختبار رؤية الألوان الأولي، فإن إدارة الطيران الفيدرالية (FAA) تقدم اختبارات أكثر مرونة  للحصول في النهاية على شهادات طبية من الدرجة الأولى أو الثانية أو الثالثة طالما تسمح حالتك بذلك.

وهذا يعني أنك إذا فشلت في اختبار رؤية الألوان، فلا يزال بإمكانك الطيران، ولكن مع وجود بعض الاستثناءات مثل عدم القدرة على الطيران في الليل أو التحكم في إشارة الألوان.

هل الطيران وأنت مصاب بعمى الألوان آمن؟

نعم، إنه آمن. والدليل على ذلك أن الجمعية الدولية لمُلاك الطائرات والطيارين “أي أو بي إيه” (Aircraft Owners and Pilots Association) AOPA صرحت بذلك في قواعدها التي تؤكد فيها أن اختبار رؤية الألوان (الذي قد ذكرناه من قبل) هو الذي سيحدد مدى ملائمة المقدم على هذا الطلب في أن يصبح طيار.

وأشارت AOPA أنه يعاني حوالي 8% من الرجال و 0.5% من النساء في الولايات المتحدة من مشاكل في إدراك الألوان. وسواء كان ذلك بسبب الوراثة أو الإصابة أو المرض، فإن عمى الألوان يمثل تحدي للعيش معه وقد يمثل بعض العقبات للطيارين. 

لذلك تحدد المعايير الطبية أن المتقدمين لجميع درجات الشهادات الطبية يجب أن تكون لديهم “القدرة على إدراك تلك الألوان اللازمة لأداء مهام الطيار بأمان.” ومع ذلك فإن تلك المعايير بها درجة من المرونة تسمح للمصابين بعمى الألوان أن يحصلوا على فرصتهم في إجراء الاختبارات الطبية.

فإذا نجح الشخص المصاب بنقص رؤية الألوان  في بعض الاختبارات المقدمة إليه، فستعتبر FAA أن رؤية الألوان لديه مقبولة. ومع ذلك، سيحتاج إلى إجراء اختبار رؤية الألوان في كل مرة يقوم فيها بإعادة تقديم طلب للحصول على شهادة طبية، لذلك ينصح بإجراء نفس الاختبار الذي قد اجتازه سابقًا في كل مرة يقوم فيها بإعادة تقديم الطلب.

وفي النهاية

قبل بضعة عقود، لم تكن هناك فرصة للشخص المصاب بعمى الألوان أن يقود الطائرة أو أن يكون هناك طيار لديه عمى الألوان. ولكن مع التقدم الذي قد حدث في صناعة الطيران وفي هذا المجال بشكل عام، أصبح اختبار رؤية الألوان أكثر دقة ومدعومًا بفهم طبي أعمق للحالة. وبالتالي، أصبح من الممكن لأولئك الذين يعانون من حالات خفيفة من نقص رؤية الألوان الحصول على رخصة الطيران التجاري.

لذلك، إذا كان لديك عمى ألوان فلا تتردد في المحاولة للانضمام إلى مجال الطيران ولتحقيق حلمك في أن تصبح طيار محترف!